النص السماعي بطل الشاطئ - السادس ابتدائي
النص السماعي بطل الشاطئ
ارتمى الكيس الورقي شاحب الوجه على رمال الشاطئ، وأخذ يشتمع إلى أصوات الأمواج الغاضبة، وهي تتسابق لتلتظم بالصخور الشئوداء الصامتة.. غلبه النعاس، وغط في نوم عميق. وعندما داعبت الشمس وجنتيه المتسختين بأشعتها الدافئة، فتح عينيه المتعبتين، ففزع لما رآه من حوله..
كان الشاطئ يغض بالأوراق الممزقة، والأكواب البلاستيكية الفارغة، والأطباق المتسخة، وبقايا من الطعام.. شعر الكيس بالدم يغلي في عروقه، وثار غاضباً، ثم أخذ يصرخ، ويقول:
يا إلهي! يا لقسوة هؤلاء الناس! لقد حملت لهم بنفسي كل ما يشتهون من حاجات، وحرضت على ألا يضيع شيء منها، وكنتُ لهم عوناً على حمل مشترياتهم، وهاهم يلقون بي على رمال هذا الشاطئ..!
وفجأة سمع الكيس صوتاً خافتاً أضناه التعب.. إنها علبة عصير جافة الجوف، تجز جسدها المرهق فوق الرمال، وتتجه نحو البحر؛ لتغتسل.. اقترب الكيس من العلبة؛ وهو يرثي لحالها، ويقول:
ما الذي أصابك أيتها العلبة الصغيرة المسكينة؟!
أجابت العلبة:
لقد شرب ذلك الطفل كل ما في جوفي من عصير لذيذ، ثم ألقى بي على الأرض، ولم يأبه لحالي..!
أخس الكيس بألم شديد؛ فالغلبة ليست وحدها في هذه المأساة..! ولكن، كيف له أن يساعدها وقد أصابه ما أصابها؟! نظر الكيس إلى الشاطئ الملوث والحزن يعصر قلبه.. القمامة في كل مكان..! أين تلك الرمال الذهبية البراقة التي كانت تغتسل بماء البحر صباحاً ومساء؟! وأين طيور النورس الجميلة التي كانت تجوب الشاطئ، وتضفي عليه بهجة وجمالاً؟! وأين زرقة أمواج البحر، وما كانت تتميز به من صفاء؟؟!
وبعد قليل، وقع بصر الكيس على سلة مهملات كبيرة خضراء اللون، جميلة المنظر .. بدت الشلة للكيس غاضبة؛ فهمس في أذن كوب بلاستيكي مكسور كان بجانبها:
هل الشلة غاضبة؛ لأنها مربوطة إلى العمود؟!
ابتسم الكوب بمرارة، وقال:
لا .. هي ليست غاضبة لأنها مثبتة إلى العمود...
انفجرت الشلة، وقالت:
ما بالك أيها الكيس؟ ألم تفهم بعد سبب غضبي؟! لقد تركني الناس خاوية، وبعثروا مخلفاتهم على الأرض؟! ألا يغضبك هذا الحال ؟!
وفجـأة، ارتفعت موجة كبيرة عالية، وهي تحمل مخلفات كانت في قعر البحر، وألقت بها على الشاطئ.. وقف الجميع ينظرون بدهشة إلى الوافدين الجدد من قمامات الإنسان؛ وعيونهم مملوءة بالحزن.. قال الكيس الورقي:
إنه لأمر مخزن أن يلوث الإنسان المكان الذي يعيش فيه، ويشوه جمال طبيعته الفاتنة..!!
وبينمـا هـم كـذلـك فـي حـزن وشكوى، إذا بطفل صغير يحمل في يده كوباً بلاستيكياً فارغاً، يتوجه نحو سلة المهملات، ويضعه داخلهـا برفق، ثم ينطلق من جديد نخـو رفاقه؛ حيث حثهم على تنظيف مكان لعبهم، ليمارسوا رياضتهم المفضلة: كرة القدم.
ابتسمت الشلة الخضراء، وقالت:
شكراً لك أيها الصغير، أنت نعم المواطن الصالح، ليت جميع الناس يقتدون بسلوكك الرائع..!
وما هي إلا لحظات، حتى التحق بعض المتطوعين بالأطفال الصغار؛ لأجل تنظيف الشاطئ من كل ما لحق به من تلوث...
بحيث نقلوا الأكياس والقارورات؛ وباقي المخلفات إلى أماكن وضع القمامة؛ لتعرف بعد ذلك طريقها إلى مصانع إعادة تدوير النفايات ...
اغتسل الكيس وإخوته بالماء العذب النظيف، واستعادوا ألوانهم البراقة.. لقد نجح بطل الشاطي، بتصرفه النبيل، في لفت انتباه الزوار؛ لأجل تنظيف المكان، واستعادة جمال الطبيعة الخلاب.
قصة: بطل الشاطئ، لزينب بيكو، وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، الإمارات العربية المتحدة، الطبعة الأولى: 2015 (بتصرف).
استثمار النص:
- من هم شخصيات هذا النص؟ وما الفكرة التي يدور حولها؟
- ما الشكوى التي تقدم بها الكيس الورقي؟ وما الشكوى التي تقدمت بها علبة العصير ؟
- ما سبب غضب سلة المهملات؟ وكيف عبر البحر عن غضبه؟
- من الذي حمل الأمل للبيئة؟
- ما السلوك الذي قام به الطفل الصغير في الشاطئ؟ ومن التحق به؟
- من الذي لقب بـ (بطل الشاطئ)؟ لماذا في نظرك؟
- ما القيمة التي تستخلصها من هذا النّص؟
- ألخص النّص شفهيا؛ انطلاقا من الصور.
- ما المهارة الأكثر حضوراً في هذا النص؟
- أنتج نصا شفهيا آخر بأسلوبي، مستعينا بمشاهد الكتاب وما استفدته من النص المسموع.