النص السماعي في المركبة الفضائية - السادس ابتدائي
النص السماعي في المركبة الفضائية
انطلقت بنـا المركبة الفضائية، بعد انتهاء العد العكسي.. ظل قائد المركبة مشغولا بالتواصل مع القاعدة الأرضية. وبعد ذلك أعلمنا بأنـا اجتزنـا أجـواء الأرض، وتخلصنا من جاذبيتهـا. حينذاك، بدت لنـا المركبة كأنهـا تدور حول نفسها.. تجراً بعض الركاب، فسأل القائد عن السبب؛ فأجابه :
المركبة تدور فعلا حول نفسها، تماماً كما تدور الأرض. ولولا دوران الأرض حول نفسها؛ لحمي شقها المواجه للشمس، ولتجمد شفها الآخر من البرد. ولهذا السبب، صممت مركبات الفضاء؛ لتدور حول نفسها؛ فتعتدل حرارثها..
وقبل موعد نزولنا على سطح القمر، وزع علينا القائد كتيبات فيها نصائح وتوجيهات، ورجانا أن نقرأها بإمعان.. أما أنا، فقد استفدت من هذا الكتيب أموراً عجيبة؛ منها أن بذلة رواد الفضاء لو تنخرق، فإن شرايين وأوردة من بداخلها ستنفجر؛ لأن الجشم يكون تحت ضغط داخلي، مصدره دقات القلب التي تضخ الدم في العروق..
ثم إنني وجدت الكتيب يوصينا بالحذر من الاحتكاك بأي شيء حاد؛ صيانة للبذلة من الخدش أو التمزق. كما أوصانا بعدم نزع الخوذة عن الرأس؛ لا لتيسير التنفس فحسب؛ بل وقاية من الهلاك والعمى. ذلك بأن الأنسجة الحية تجف حالاً لو تظهر عارية في قضاء خال من الهواء.
ومن غريب أجهزة البذلة الفضائية، أنها تلبس فوق قميص ذي غشاءين؛ يتسرب بينهما ماء يعدل حرارة الجسم.. حينذاك سألت القائد:
وكيف يحافظ هذا الماء على اعتدال حرارته؟
قال القائد مبتسما:
إنّ الذي يعمل على تكييف درجة حرارة هذا الماء تبريـداً وتدفئة، جهاز كهربائي صغيـر موضوع في الـجـراب المتصل بالبذلة؛ يعمل على تنقية الهواء داخل الخوذة البلورية، وييسر التنفس..
لا أخفيكـم بـأن هـذه التحذيرات والوصايا، أدخلت إلى قلبي الخوف؛ غير أن ذلك سرعان ما تلاشى؛ حين عرفت أن عمليات الإنطلاق من الأرض، والنزول على سطح القمر، قد ضبطت بدقة عجيبة..
هكذا أشرقت مدة السفر إلى سطح القمر على الانقضاء، فخاطبنا القائد قائلاً:
أيتها السيدات، أيها السادة، لقد تجاوزنا المنطقة المتساوية بين جاذبية الأرض وجاذبية القمر، وسنخفض سرعتنا.. وإلى ذلك الحين، أرجوكم التزام الصمت، وعدم التحرك...!!
(سندباد الفضاء) للطيب التريكي، دار سراس للنشر، تونس، 1998، ، 38-33 (بتصرف).