الطائرة الثقاثة والعاصفة - السادس ابتدائي
الطائرة النفاثة والعاصفة
وقف الدكتور «هالين» يتفرج من خلف الزجاج على العاصفة المتوحشة وهي تفترش المطار الدولي، وإلى جانبه كان يقف زميله الياباني ورفيقه في السفر، الدكتور «ناتاكا».. لمع البرق على وجه «ناتاكا» النُحاسي، فلاحظ «هالین» ارتعاش عصب رفيقي تحت شفته الشفلى، وآخر تحت عينه اليسرى. وبعد الصمت الذي أعقب الفجارات الرعد المتداركة شمع صوت المطر المتهاطل على أرضية المطار.
وأفاق الدكتور «هالين» من غيبوبته على صوت الأبواق وهي تعلن رقم رحلته الوشيكة القيام، وتطلب من المسافرين الاتجاة إلى بوابة الإقلاع، وأنحنى الرجلان على حقيبتيهما، وانضما إلى الصف في صمت، ووقفت الطائرة الثقائة العملاقة وحيدة، على غير العادة، على رأس مدرج المطار الدائم الإزدحام، تنتظر الإذن لها بالإقلاع. وبعد انتظار طويل أقلعت بشخنتها البشرية، تاركة الأرض نحو سماء كالحة مكفهرة. وساد صمت عصيت داخل الطائرة وهي تصارع الطبيعة الغاضبة، فتهتز وتهوي، وتنطفئ الأنوار بداخلها ثم تعود إلى الاشتعال.
وأمسك الدكتور «هالین» بذراعي كرسيه بيد مبتلة، وهو ينظر من النافذة، محاولا أن يرى شيئاً يستأنس به.
كان الظلام كثيفاً، لا تخترقة إلا ومضات البرق الوهاج التي كانت تكشف عن خيوط المطر الوابل الذي كان يسمع وقعه شديداً على الطائرة.
وقصف الرعد قهر كيان المركبة الضخمة، والطفأت أنوارها ثم عادت.. ومرت ستون دقيقة بقوانيها في ذلك الطقس المتوحش، وركاب الطائرة مسفرون إلى مقاعدهم... وأخيراً وجدت الطائرة مخرجاً من خلال فجوة واسعة في الغيوم، فالطلقت نحو سماء زرقاء تتلالا بالنّجوم بعيداً عن غضب العاصفة.
ولأول مرة سمع صوت الريان في بوقي الطائرة، يرحب بالمسافرين بصوت ناعم مسترخ: «سيداتي وسادتي، مرحباً بكم على متن طائرتنا، لابد ألكم لاحظتم أننا كنا تصارع عاصفة هوجاء طوال الشتين دقيقة الفارطة، ويفضل أجهزتنا الحديثة استطعنا تفادي نقط الخطر فيها. وقد أصبحت العاصفة وراءنا، وهناك
