النص السماعي الفنون - السادس ابتدائي
الفن نافع في حياة الإنسان،
والفنانون هم الذين يصنعون عقلية الأمم، ويكونون شخصيتها ويعطونها مظهراً تتجلى به بين الأمم. فإذا ذكرت عصري الموحدين والمرينيين بالمغرب فكرت أول ما تفكر في صومعة حسـان والكثبية ومدرسة العطارين ومدرسة أبي عنان،.وما إلى ذلك من الآثار لأن هذه الإبداعات الفنية هـي التي تختصر لنا عملية تلك الأجيال الماضية. الفنانون إذن وآثارهم تعمل عمل الكاتب والمؤرخ بل ربما فاقته، إذ تزيد على منفعة الأخبار، لذة الجمال، ومنعة الشرور.
إن من يولي الفنون شيئاً من دقة النظر، يجدها تقدم لنا دروسا دائمة في التربية والأخلاق، وتبين لنا حقيقة الحياة التي يجب أن تعمل لها، فالكتاب يهذبون عقولنا وأذواقنا بما يزيدون في ثروة اللغة والأدب من حيث الأخيلة الرائعة، والأفكار الصائبة والتصورات العجيبة التي توجهنا أحسن توجيه في حياتنا، وتفتح لنا المجال لحياة روحية سامية ننسى فيها أتعابنا وأخزائنا وتستمتع بالجمال، ونشعر باللذة الفنية، والرسام يهذب بصرنا بما يظهر لنا من الصور البديعة الأخاذة، والموسيقي يرقي
سمعنا بما يقدم من الأنعام العذبة الساحرة، والتحاث والمهندس كلاهما يعطينا بياناً شافياً عن فكرة التوازن والانسجام.
ومن مزايا الفنانين التي تظهر عظمتهم، وتزيد سموهم أنهم ينشرون بيننا مزية من أسمى المزايا، ألا وهي النزاهة والنظر إلى الدنيا بعين ترنو إلى المثل العليا وعظمة أية أمة لا ثقاش إلا بمقدار ما أنجبت من الفنانين، وأنتجت الآثار الفنية.
إن تاريخ الأمم هو تاريخ فنانيها من كتاب، وشعراء وموسيقيين وغيرهم. وأعظم الدول هي التي طال فيها شباب الفنون، وامتد فأنجب كتابها وشعراؤها وتحاتها ومهندسوها ومصوروها أعمالاً جليلة خليفة بهذا الشباب الريان.
وأعظم جريمة يرتكبها شعب من الشعوب هي عدولة عن ثراث أجداده الفني، واستخفافة بهذا الثراث كيفما كان شأنه، ثم العمل بكل وسعه لأن يحيا حياة عصرية ترتكز في جميع نواحيها على المادة والآلات.