مذياع جدي - الخامس ابتدائي
ما أن تبتدئ العطلة، حتى أكون رفقة أسرتي في البادية عند جدي، فهو رجل طيب وكريم، يجب عمله في مزرعته ويهتم كثيراً بأشجار الزيتون خصوصاً في موسم جنيها، إعتاد أن يأخذني معه صباح كل يوم ويعلمني كيف يشذب الأغصان ويسقي المروج ويوسع الأحواض، كنت أرى في عينيه نشوة الفرح وهو يشتغل في صمت .ومما دعاني إلى الاستغراب هو أن المذياع لم يكن يفارقة أثناء عمله، يعلقه على غصن إحدى الشجرات بعدما يشغله، ويقول لي مازحا: " إياك يا سامي أن تقترب منه".
وفي يوم من أوقات الظهيرة، انتهى من عمله وجلس بجنبي مبتسما، باغثثه بسؤال: " لماذا تحب المذياع يا جدي؟ ألا ترى معي أن وسائط التواصل كثرت وتطورت صورة وصوتاً وأنت ما تزال تحتفظ بهذا الصندوق القديم، أنظر إلى هاتفي المحمول :أخبار ومعلومات وألعاب وخرائط وصور، كل شيء في هذا الهاتف ساغطيه لك هدية يا جدي".
إقترب الجد من حفيده، قائلاً: " إنك لا تعرف كثيراً من الأشياء يا سامي، فالمدينة لا تشبه البادية كما تعتقد، فأنا مثلاً أحب المذياع لأنه يؤنسني في عملي، يفيدني بالاستماع إلى ما يقع في العالم من أخبار، ومعرفة أحوال الطقس والإرشاد الفلاحي". رد سامي: " وهل التلفاز تنقصه هذه المعلومات؟"
قال الجد: " وهل العمال يتواجدون في الحقل أم في البيت؟ تصور معي لو شغلنا تلفازاً في هذا المكان، هل تعتقد أن الفلاحين سيعملون؟، طبعاً لا، وبذلك سيصبح التلفاز مصدراً لإضاعة الوقت والاسترخاء، نحن هنا في الحقل يا سامي من أجل العمل والاجتهاد".
تتنع سامي وقال: " كلامك على صواب يا جدي". إبتسم الجد وأضاف: " المذياع يا ولدي يتكلم بلهجتنا، لذلك تفهمه، ويطرح مشاكلنا المحلية، ومن أجل هذا تحبه، ويتحدث عن أهتماماتنا واحتياجاتنا، فنستانس به، ثم إنه هو الوسيلة الأوفر والأكثر شعبية بالنسبة للكثير من أبناء القرية". صفق سامي وقال: " لقد أقنعتني بأجوبتك، بل وأفدتني الآن علمت لماذا تحب المذياع أكثر من أية وسيلة تواصلية أخرى".